أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفارسي الأندلسي اليزيدي، عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام في القرن الخامس الهجري، وصاحب المذهب الظاهري في الفقه. ...السيرة الذاتية
أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفارسي الأندلسي اليزيدي، عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام في القرن الخامس الهجري، وصاحب المذهب الظاهري في الفقه. ...السيرة الذاتية
لم يتمه
في الفقه، وكان يميل إلى التحرر من اتباع المذاهب، وكان يميل إلى القول بالظاهر.
كان ابن حزم ملازمًا له وهو صغير؛ وكان رجلًا تقيًا وقورًا، يصحبه معه في مجالس الشيوخ ليستمع إليهم، ويتلقى منهم ما تدركه سنه؛ فكان مؤدبا له.
ينتمي ابن حزم إلى عائلة عريقة، حيث كان جده "خلف بن مَعْدان" أول من وطئت قدماه الأندلس مع أصحاب عبد الرحمن الداخل، وبرزت عائلته في شأن الوزارة خلال حكم الأندلس، وشغل ابن حزم نفسه منصب الوزير لبعض الأمراء، ولكنه فضَّل التفرغ للعلم بعد ذلك على عمله بالسياسة. حفظ في نشأته الأولى القرآن الكريم، وحفظ قدرًا من الشعر، وذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامة: أنه نشأ بين أيدي النساء ولم يعرف غيرهن، وأنه جالس الرجال في حد الشباب، وهنَّ قد علمنه القرآن، وروين عليه كثيرًا من الأشعار، ودربنه على الخط. ومع ذلك كان ابن حزم عفيفًا؛ لما فرضه أبوه عليه من رقابة على تصرفاته، كما أنه في بداية شبابه أصبح صاحبا لأبي الحسين بن علي الفارسي، الذي كان ورعًا تقيًّا عازفًا عن النساء ولم يتزوج، وقد سماه ابن حزم: الشيخ الحصور؛ فكان قدوة له. ذكر الشيخ محمد أبو زهرة أن الإمام ابن حزم كان يتصف بصفات حميدة منها: قوة الحافظة، والبديهة الحاضرة، وعمق التفكير والغوص في الحقائق، والصبر، والجلد، والمثابرة، والإخلاص، والصراحة في الحق، والوفاء، والاعتزاز بالنفس من غير عُجب، والحِدة. لم تستمر الحياة الهادئة الناعمة لابن حزم ولا لأسرته، فقد كان أبوه وزيرًا في آخر عهد الأمويين الأول بالأندلس؛ أي وقت انحلال الأمر من أيديهم وخروجه من سلطانهم، إلى سلطان أبي منصور العامري وأسرته، وكان ذلك في الخامسة عشرة من عمره، ولم تكن الفتنة قاصدة أسرة ابن حزمٍ وحدها، بل عمَّت الفتن والاضطرابات الأندلس، وصارت قرطبة وجهة للجيوش ينهبون فيها ويشردون أهلها. انتقل ابنُ حزم مع أسرته من منازلهم الجديدة شرق قرطبة، إلى منازلهم القديمة في غربها، هربًا من الفتن والاضطرابات سنة 398هـ، إلى أن غادروا قرطبة متجهين إلى مدينة المرية سنة 404هـ، وذلك بعد أن مات والده سنة 402هـ وسط هذه الاضطرابات المستمرة في البيت الأموي. انقسمت الأندلس إلى ممالك صغيرة، وسيطرت عائلة آل حمود على قرطبة، وهم من نسل علي بن أبي طالب، وكان لهم نفوذ في سبتة بالمغرب، وسعى آل حمود لمطاردة الأمويين واتهم والي المرية ابنَ حزم بالعمل لصالح الأمويين لإعادة الحكم إليهم، فاعتقل لمدة شهر، ثم تم نفيه. وبعد ذلك بشهور انتقل إلى بلنسية، وكان ذلك لمناصرة الخليفة الأموي عبد الرحمن بن محمد الملقب بالمرتضى، والذي يقال إنه كان أصلح مَن بقي من بني أمية، ولقد عاونه ابن حزم حتى أصبح وزيرًا من وزرائه، واشترك ابن حزم مع عبد الرحمن المرتضى، وسار معه في جيشٍ يريد الاستيلاء على غرناطة، ولكن عبد الرحمن اغتيل قبل أن يتم له ما يريد هو ومن معه، وحينئذ وقع ابن حزم في الأسر مدةً ثم فُكَّ أسره، وعاد إلى قرطبة سنة 409هـ، فوجدها أطلالًا. أخذت دولة آل حمود تضعف حتى ثار أهل قرطبة على علي بن حمود وخلعوه، واتفقوا على رد الأمر إلى بني أمية واختاروا لذلك عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار، وبايعوه في رمضان سنة 414هـ، ولقبوه بالمستظهر وكان من وزرائه ابن حزم، ولم يستمر المستظهر في خلافته كثيرًا؛ إذ إنه سجن جماعة من أهل قرطبة ظنًا منه أنهم يمالؤون أحد أبناء عمومته من البيت الأموي، وأخذ أموالهم؛ فثار أهل قرطبة لأجلهم وأخرجوهم من السجن، ثم قُتِل الخليفة، وانتهى الأمر أيضا بسجن ابن حزم، ولم يستمر هذا السجن طويلًا. أما آخر خليفة كان ابن حزم وزيرًا له، هو هشام المعتد بالله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر سنة 418هـ، وهو آخر الأمويين بالأندلس، وكان هذا آخر عهد ابن حزم بالسياسة والوزارة. تفرغ ابن حزم للعلم ونشر آرائه، ولم ينصرف إلى الفقه انصرافًا جعله إمامًا فيه، إلا بعد أن ذهب إلى بلنسية، وأقام فيها سنة 408هـ، واتجه في البداية إلى دراسة الفقه المالكي، فقد كان هو المذهب السائد والرسمي في الأندلس، ثم انتقل بعد ذلك إلى المذهب الشافعي لتمسكه بالنصوص، والذي لم يلبث فيه إلا قليلًا، ولعل السبب في ذلك أنه كان من بين أساتذته الذين تلقى الفقه عليهم مسعود ابن سليمان بن مفلت، وهو عالم زاهد يميل إلى القول بالظاهر، والاختيار من بين الأقوال المختلفة، فأحب ابن حزم تلك الطريقة؛ لأنه يطلق حرية فكره فلا يتقيد بالمذاهب المشهورة بل يتقيد فقط بالنصوص والآثار، ولذا كان يقول أخيرًا "أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب". كان ابن حزم يدارس وينشر آراءه حيثما حل، وكان ينتقل بين بلنسية وميورقة لتقاربهما، ثم يعود إلى قرطبة، ووجد ابن حزم أتباعًا كثيرين له في ميورقة، ويبدو أن الذي مكَّن له في ذلك، أنه كان له صاحب اسمه أحمد بن رشيق ت: 440هـ، وكان واليًا على ميورقة، وبعد موت صاحبه والي ميورقة ضعف أمر ابن حزم، واجتمع عليه الفقهاء وألَّبوا عليه السلطان. انتقده العديد من العلماء والفقهاء، إلا أن ابن حزم كان شديد الدفاع عن آرائه منتقدًا لخصومه، وقال عنه أبو العباس ابن العريف "لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان". وقد أثنى بعض أعلام العلماء عليه، منهم: أبو حامد الغزالي، الذي قال فيه "وجدت في أسماء الله تعالى كتابًا ألفه أبو محمد بن حزم الأندلسي، يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه"، وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد "كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، ووفور حَظِّه من البلاغة والشعر، والمعرفة بالسير والأخبار؛ أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربعمائة مجلد، تشتمل على قريبٍ من ثمانين ألف ورقة". وقال عنه أبو عبد الله الحُميدي "كان ابن حزم حافظًا للحديث وفقهه، مستنبطًا للأحكام من الكتاب والسنة، مُتفننًا في علوم جَمّة، عاملًا بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نَفَس واسع وباع طويل، وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم"، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام "ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل (المُحَلَّى) لابن حزم، وكتاب المغني للشيخ موفق الدين". أُحْرِقت كتب ابن حزم في عهد المعتضد حاكم أشبيلية في الفترة بين 440هـ – 456هـ؛ أي في الفترة بين خروجه من ميورقة إلى وفاته، وتوجد أسباب كثيرة لحرق كتبه ولعل أهمها؛ هو تكاتف الفقهاء ضده وتأليب السلطان عليه؛ لمخالفته مذهب الإمام مالك –المذهب الرسمي- ولأنه جاء بفقه على غير المذاهب الأربعة المشهورة، وهناك سببٌ آخر لا يقل أهمية عن السبب الأول؛ وهو أن ابن حزم كان مؤرخًا وكان منتقدًا للمعتضد. توفي ابن حزم - رحمه الله تعالى- عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان، سنة 456هـ، فكان عمره إحدى وسبعين سنة وأشهرًا.
ت: 721 هـ | عربي الأصل | الدولة المرينية
ت: 288 هـ | عربي الأصل | العصر العباسي
ت: 334 هـ | عربي الأصل | العصر العباسي
ت: 774 هـ | عربي الأصل | دولة المماليك البحرية
يلقي موقع علماء العالم الإسلامي الضوء على سيرة وإسهامات علماء العالم الإسلامي، ودورهم في الحضارة الإنسانية. ويضم الموقع مجموعة كبيرة من أهم العلماء شرقًا وغربًا، وفي مختلف مجالات العلوم العقلية والنقلية. ....المزيد