النعمان بن ثابت الكوفي التيمي، صاحب المذهب الحنفي، ومن أكبر علماء أهل السنة في الفقه، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك (رضي الله عنه)، وروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي، وغيرهم كثير من كبار التابعين، كان الإمام فصيح اللسان، عذب المنطق، قوي الحجة، وكان مذهبه الفقهي يعتمد على الاستدلالات العقلية (مدرسة أهل الرأي). ...السيرة الذاتية
النعمان بن ثابت الكوفي التيمي، صاحب المذهب الحنفي، ومن أكبر علماء أهل السنة في الفقه، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك (رضي الله عنه)، وروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي، وغيرهم كثير من كبار التابعين، كان الإمام فصيح اللسان، عذب المنطق، قوي الحجة، وكان مذهبه الفقهي يعتمد على الاستدلالات العقلية (مدرسة أهل الرأي). ...السيرة الذاتية
جمعه تلاميذه.
رواه عنه تلميذه أبو يوسف.
لازمه إلى أن مات وأبو حنيفة في الأربعين من عمره، ولم يستقل بالدرس إلا بعد موته وجلس بمجلس شيخه بالكوفة
نشأ الإمام أبو حنيفة بالكوفة، وعاش أكثر حياته بها، وكانت إحدى المدن العظيمة في ذلك الوقت، فقد عاشت حراكًا ثقافيًّا وفكريًّا غنيًّا، حيث تنوعت فيها الآراء والاتجاهات في مختلف المجالات، من سياسة وفقه وعقائد. وكان الإمام أبو حنيفة النعمان (رضي الله عنه) يمتهن تجارة الحرير في شبابه، ولم يكن يولي العلم اهتمامًا كبيرًا، ويُروى عن أبي حنيفة أنه قال "مررت يومًا على الشعبي وهو جالس فدعاني، فقال لي: إلى من تختلف؟ فقلت أختلف إلى السوق، فقال لم أعن الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت له: أنا قليل الاختلاف إليهم، فقال لي لا تغفل وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت في العلم، فنفعني الله بقوله". تزوّد الإمام أبو حنيفة النعمان بثقافة إسلامية واسعة شملت حفظ القرآن الكريم، واكتساب قدرٍ من الحديث النبوي الشريف، واللغة العربية وآدابها، وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد، وكان يرحل لتلك المناقشات للبصرة، ومع مرور الوقت اتجه الإمام أبو حنيفة لدراسة الفقه، ليصبح أقرب الأئمة زمنًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ بتدريس تلاميذه الفتاوى والأحكام التي تصل إليه، مستعملًا أسلوب القياس ليضع بذلك أسس المذهب الحنفي. تلقى أبو حنيفة علومه من شيوخ ينتمون إلى مذاهب فقهية وفرق دينية متنوعة، فلم يقتصر تعليمه على فقهاء الرأي، بل درس أيضًا على يد فقهاء الحديث، كما جالس العديد من فرق الشيعة في العراق، مما أثرى ثقافته الفقهية ووسع آفاقه الفكرية. وتشير كتب المناقب إلى أن الإمام أبو حنيفة النعمان قد التقى ببعض صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وذُكر أنه روى أحاديث عنهم، مما جعله ينال مرتبة التابعين، ويعتبر هذا فضلًا يميزه عن فقهاء عصره مثل سفيان الثوري، والأوزاعي، ومالك، وغيرهم من أقرانه، بل لقد أكد أبو حنيفة على ذلك بقوله "تلقيت فقه عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم عن أصحابهم". كان نهج الإمام في التعليم يركز على غرس مفهوم الاجتهاد في نفوس تلاميذه، فكان يرى أن آراءه وآراءهم ليست مُسلّمات قطعية، بل هي اجتهاداتٌ بشريةٌ قابلةٌ للنقاش والتطوير، وكان يردد على مسامعهم دائمًا "رأينا هذا أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا". وقد يطول بحث المسألة الواحدة أيامًا وليالي أو شهرًا أو أكثر، فإذا انتهت الحلقة إلى رأيٍ فيها، قال ضعوها في الباب الفلاني، وبهذا المنحى الجماعي في الحلقة بدأ تدوين الفقه الإسلامي على نطاق واسع، واقترن اسم أبي حنيفة بالتدوين. أثنى عليه الإمام الفضيل بن عياض، أحد كبار فقهاء الإسلام وأئمة الزهد والورع قائلًا "كان أبو حنيفة رجلًا فقيهًا، واسع المال، معروفًا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورًا على تعلم العلم بالليل والنهار، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق"، ووصفه معاصره الورع التقي عبد الله بن المبارك بأنه "مُخ العلم"، وعنه أيضًا: قلت لسفيان الثوري "ما أبعد أبا حنيفة من الغِيبة، ما سمعته يغتاب عدوًّا له قط، فقال سفيان: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها". وعن ابن عيينة قال "كان أبو حنيفة أكثر الناس صلاة، وأعظمهم أمانة، وأحسنهم مروءة"، وعن نعيم بن حماد قال "سمعت أبا عصمة يقول: سمعت أبا حنيفة يقول "ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعينين، وما جاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اخترنا، وما كان غير ذلك فنحن رجال وهم رجال". ووصفه الإمام مالك قائلا "رأيت رجلا لو كلمته في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته، وكان كريما في أخلاقه، جوادا، حسن المنطق والصورة، جهوري الصوت، إذا حدَّث انطلق في القول، وكان لكلامه دويّ"، وقال عنه الإمام الشافعي "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة". وعن أبي يوسف قال "كان أبو حنيفة إذا وردت عليه مسألة قال: ما عندكم فيها من الآثار، فنذكر ما عندنا، ويذكر ما عنده ثم ينظر، فإن كانت الآثار في أحد القولين أكثر أخذ بالأكثر، وإن تكافأت أو تقاربت نظر فاختار". وعنه أيضا "قال لي هارون الرشيد: صف لي أبا حنيفة، فقلت: كان والله شديد الذب (الدفاع) عن محارم الله، طويل الصمت، دائم الفكر، لم يكن مهدارًا ولا ثرثارًا، صائنًا لدينه ونفسه، مشتغلًا بما هو فيه عن الناس، لا يذكر أحدًا إلا بخير، فقال هارون: هذه والله أخلاق الصالحين". عاش أبو حنيفة اثنتين وخمسين سنة من حياته في العصر الأموي، وثماني عشرة سنة في العصر العباسي، وكان الخليفة المنصور يُكرم أبا حنيفة ويُعطيَه هباتٍ سخية، ولكن أبا حنيفة كان يردّها بِلُطفٍ ورفق، ولم يُعرف عن أبي حنيفة أنه تحدّث في شرعية حكم العباسيين حتى اشتدت خصومتهم مع أبناء علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) خاصةً أنَّ مَن ثارا على حكومة أبي جعفر هما محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن وإبراهيم أخوه، وكان أبوهما ممن اتصل به أبو حنيفة اتصالًا علميًّا، حتى لقد ذكرته كتب المناقب ضمن شيوخه، وقد كان عبد الله وقت خروج ولديه في سجن أبي جعفر، ومات فيه بعد مقتل ولديه. ولم يَغِب عن المنصور موقف أبي حنيفة، خاصة في الكوفة، فسعى إلى اختبار مدى طاعته وولائه، وسنحت له الفرصة أثناء بنائه بغداد، حيث أراد أن يجعله قاضيًا، فرفض أبو حنيفة، وأصرّ المنصور على أن يتولى أبو حنيفة أي عمل، ففهم أبو حنيفة أن المقصود هو إخضاعه، فسعى أبو حنيفة ليُفَوِّت رغبة المنصور بأن يعمل له عملًا بسيطًا لا يمس دينه، وذلك حتى يبر يمين الخليفة. تميز الإمام أبو حنيفة بِحِدّة ذكائه وسعة علمه، مما جعله مرجعًا فقهيًّا بارزًا في عصره، ونظرًا لمكانته العلمية فكان ينتقد أحكام قضاة الكوفة إذا خالفت اجتهاده، ويُعبّر عن ذلك صراحةً عند صدورها، وقد أثار هذا التصرف حفيظة بعض القضاة، ممّا جعلهم يظنون به السوء ويُشوهون سمعته عند الأمراء، وتشير بعض الروايات إلى أنّ ابن أبي ليلى، قاضي الكوفة آنذاك، قد شكا أبا حنيفة بالفعل، ممّا أدّى إلى منعه من الفتوى لفترةٍ محدودة قبل أن يُسمح له بها مرة أخرى. وعرض المنصور على أبي حنيفة أن يتولى القضاء فامتنع، فطلب منه أن يرجع إليه القضاة فيما يشكل عليهم ليفتيهم فامتنع، فأنزل به العذاب بالضرب والحبس، أو الحبس وحده على اختلاف الروايات، وتدل الروايات على أن سبب رفض الإمام أبي حنيفة للقضاء لم يكن بسبب عدم ولائه للمنصور فقط، بل رفضه أيضًا لأنه يراه عملا خطيرًا، ربما لا تقوى نفسه على احتماله. ومما سبق يتضح أن الإمام أبو حنيفة تعرض لمحنة قاسية في عهد الخليفة المنصور، حيث تم حبسه ومنعه من الإفتاء والتدريس، واتفق الرواة على حصول هذه المحنة، واختلفوا حول ما إذا كان قد مات بعدها أو معها. وروى أحمد بن عبد الله الأسلمي "حدثنا الحسن بن يوسف الرجل الصالح قال: يوم مات أبو حنيفة صُلِّي عليه ست مرات من كثرة الزحام، آخرهم صلى عليه ابنُه حماد، وغَسَّله الحسن بن عبادة ورجل آخر".
ت: 487 هـ | عربي الأصل | عصر ملوك الطوائف بالأندلس
ت: 668 هـ | عربي الأصل | الدولة الأيوبية و دولة المماليك البحرية
ت: 387 هـ | عربي الأصل | الدولة الإخشيدية و الدولة الفاطمية و الدولة الطولونية
ت: 395 هـ | الدولة الفاطمية
يلقي موقع علماء العالم الإسلامي الضوء على سيرة وإسهامات علماء العالم الإسلامي، ودورهم في الحضارة الإنسانية. ويضم الموقع مجموعة كبيرة من أهم العلماء شرقًا وغربًا، وفي مختلف مجالات العلوم العقلية والنقلية. ....المزيد