عالمٌ، فقيهٌ، محدثٌ، أديب، اشتُهر بحسن خلقه وتواضعه وإنصافه، وكان والده يقول فيه "إنه سيوطي زمانه"، ويُشهَد له بالعلم؛ لسعة حفظه، وكثرة تآليفه، واتساع مشاركته في العلوم، وشيوع براعته في المنثور والمنظوم، حتى إنه قرأ عليه كثيرٌ من أشياخه وأقرانه لتَمهُّره، ويحكى عنه أنه حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين. كان مُكِبًّا على التأليف، ولم تكن له مُسَوَّدَة؛ فيضع التأليف في زمن يسير من غير احتياج إلى مراجعة، وله تآليف كثيرة، فقال الأزهري في اليواقيت: "ألَّفَ تآليف جمة تنيف على السبعين ومائة"، وقال الكتاني في فهرس الفهارس: "له من التآليف ما يزيد على 175 تأليفا". أثنى عليه عددٌ وفيرٌ من علماء عصره، منهم: محمد بن الطيب القادري الذي قال فيه "اتسعت مشاركته في العلوم، وشاعت براعته في المنظوم، أحد الأعلام الحفاظ، له الذوق السليم، والفتح العظيم، والغوص على الدقائق، والاهتداء للَّطائف الرقائق، يأتي بالعجائب، ويحيط بما يدانيه من الغرائب، كثير التقييد، متسع لكل مفيد، مُقَرَّب مِشْكَار، شامخ لكل العز والمقدار"، وقال محمد بن جعفر الكتاني "إذا حضر في مجلس فهو الصدر، وإذا تكلم في مسألة شفا فيها الغليل". رُوي أنه لما دنت وفاته، كان يرى والده في النوم، ويقول له: قس يدك مع يدي فقاسها في الأولى، فقربت أن تكون مثلها، ثم بعد أيام قال له مثل ذلك فساوتها، فقبل الوالد يدي فكدت أن أذوب خجلًا، ثم بعد أيام قال لي مثل ذلك، فطالت يدي فأخذها فقبلها، فأوَّل ذلك بالتآليف التي كتبها في مرضه، لأن النفع بتلك الكتب باق بعد الموت، فهو معنى طول اليد، ووالده لم يكن له تآليف.