كان طبيبًا نصرانيًّا من كبار أطباء مدينتي جنديسابور وبغداد، وكان الطبيب الخاص لخلفاء بني العباس، مما يدل على أن المناصب في الدولة الإسلامية كانت تؤخذ بالكفاءة وحدها، تتلمذ على يديه الكثير من أطباء عصره، وأتقن اللغة السريانية واليونانية والفارسية إلى جانب العربية التي ألَّف بها جُلَّ كتبه، وكانت له خبرة جيدة في ترجمة الكتب؛ فتولى ترجمة الكتب الطبية القديمة في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد والتي وجدها بأنقرة وعمورية، فجمع بين وظيفتي الترجمة والطب. وكان يوحنا صاحب فكرة بناء دار كبيرة للكتب، فقام الرشيد ببنائها حتى صارت بيت الحكمة في عصر المأمون، وأسند المأمون رئاستها إلى يوحنا عام 215هـ / 830م، وقد خدم يوحنا الرشيد والمأمون ومَن بعدهم من الخلفاء إلى أيام المتوكل، وكان ملوك بني هاشم لا يتناولون شيئًا من أطعمتهم إلا في وجوده. ويقول كمال السامرائي في كتابه مختصر تاريخ الطب العربي "يوحنا بن ماسويه أشهر أسرة ماسويه، وهو الذي خلَّد اسمها بأعماله الجليلة في صناعة الطب، فهو من مشاهير أطباء بغداد وسامراء في النصف الأول من القرن الثاني الهجري، ومن أكثرهم حظوة من خلفائها المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل... تعلَّم السريانية والعربية، فلم يجد صعوبة في دراسة العلوم الطبية المكتوبة بهاتين اللغتين. تزوج ابنة عبد الله الطيفوري الطبيب، واستمر يصعد في المراتب الاجتماعية والحكومية حتى وصل إلى بلاط الخليفة المأمون، وكان معظما ببغداد جليل القدر، وحاز شهرة واسعة وثروة طائلة. قدَّم يوحنا بن ماسويه الكثير من الإنجازات الطبية، خاصة في علم التشريح؛ حيث كان يقوم بتشريح القردة ثم يطبق ما توصل إليه على الإنسان، يقول أحمد شوكت الشطي في كتابه تاريخ الطب وآدابه وأعلامه "وتؤكد المصادر أن يوحنا بن ماسويه كان يُشرِّح جثث القِرَدة، في قاعة تشريح خاصة بناها على ضفة دجلة، وأنه كان يختار من أنواع القرود النوع الكثير الشبه بالإنسان، وأن الخليفة المعتصم كان يساعده في الحصول على تلك القردة من بلاد النوبة، وهذا يدل على عناية خلفاء العرب بعلم التشريح وتشجيعهم له"، اهتم يوحنا بن ماسويه أيضا بأمراض الجهاز الهضمي والعيون ونبغ فيها.